للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ رِبْحُ الْمِثْلِ لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَيُعْطَى الْعَامِلُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يُعْطَاهُ مِثْلُهُ مِنْ الرِّبْحِ: إمَّا نِصْفُهُ وَإِمَّا ثُلُثُهُ وَإِمَّا ثُلُثَاهُ. فَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا مُقَدَّرًا مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَمَا يُعْطِيَ فِي الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ فَهَذَا غَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهُ. وَسَبَبُ الْغَلَطِ ظَنُّهُ أَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فَأَعْطَاهُ فِي فَاسِدِهَا عِوَضَ الْمِثْلِ كَمَا يُعْطِيهِ فِي الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ غَلَطَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ يَعْمَلُ عَشْرَ سِنِينَ فَلَوْ أُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَأُعْطِيَ أَضْعَافَ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَةِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ فِي الْفَاسِدَةِ أَضْعَافَ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الصَّحِيحَةِ؟ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ ظَنُّوا أَنَّهَا إجَارَةٌ بِعِوَضِ مَجْهُولٍ فَأَبْطَلُوهَا وَبَعْضُهُمْ صَحَّحَ مِنْهَا مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ إجَارَتِهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ تُمْكِنُ إجَارَتُهَا. وَجَوَّزُوا مِنْ الْمُزَارَعَةِ مَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ إمَّا مُطْلَقًا؛ وَإِمَّا إذَا كَانَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ. وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ بُطْلَانُ الْمُزَارَعَةِ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ. وَمَنْ أَعْطَى النَّظَرَ حَقَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَبْعَدُ عَنْ الظُّلْمِ وَالْقِمَارِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةِ مُسَمَّاةٍ مَضْمُونَةٍ فِي الذِّمَّةِ؛ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إنَّمَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِالزَّرْعِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَمَقْصُودُهُ مِنْ