هَذَا الْأَمْرُ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ كَذَا وَهَذَا يُوَلِّدُ كَذَا وَقَدْ تَوَلَّدَ عَنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ كَيْتُ وَكَيْتُ: لِكُلِّ سَبَبٍ اقْتَضَى مُسَبَّبًا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ حَتَّى أَهْلُ الطَّبَائِعِ يَقُولُونَ: " الْأَرْكَانُ وَالْمُوَلَّدَاتُ " يُرِيدُونَ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْ الْأُصُولِ الْأَرْبَعَةِ - التُّرَابِ وَالْمَاءِ وَالْهَوَاءِ وَالنَّارِ - مِنْ مَعْدِنٍ وَنَبَاتٍ وَحَيَوَانٍ. فَنَفْيُهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَلِدَ شَيْئًا اقْتَضَى أَنْ لَا يَتَوَلَّدَ عَنْهُ شَيْءٌ وَنَفْيُهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِشَيْءِ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ وَأَنَّ الْعِبَادَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَتَّخِذَ شَيْئًا مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ. وَهَذَا يُبْطِلُ دَعْوَى مَنْ يَدَّعِي مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ يَقُولُ: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ} وَمَنْ يَقُولُ: الْفَلْسَفَةُ هِيَ التَّشَبُّهُ بِالْإِلَهِ. فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ وَالِدِهِ وَيَكُونُ نَظِيرًا لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرْعًا لَهُ. وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي مِنْ أَعْظَمِ الْخَلْقِ قَوْلًا بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَجَعْلِ الْأَنْدَادِ لَهُ وَالْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ. وَلِهَذَا كَانَتْ الْفَلَاسِفَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِصُدُورِ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّوَلُّدِ وَالتَّعْلِيلِ يَجْعَلُونَهَا لَهُ أَنْدَادًا وَيَتَّخِذُونَهَا آلِهَةً وَأَرْبَابًا بَلْ قَدْ لَا يَعْبُدُونَ إلَّا إيَّاهَا وَلَا يَدْعُونَ سِوَاهَا وَيَجْعَلُونَهَا هِيَ الْمُبْدِعَةُ لِمَا سِوَاهَا مِمَّا تَحْتَهَا. فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ. وَ {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute