إلَى النِّفَاقِ بَلْ كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَكْتُمُ إيمَانَهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْكُفْرِ مُكْرَهًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ. وَهَذَا مُؤْمِنٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا. فَإِنَّهُ وَإِنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ لِبَعْضِ النَّاسِ لَمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ كَتَمَ عَنْهُ إيمَانُهُ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِالْإِيمَانِ فِي خَلْوَتِهِ وَمَعَ مَنْ يَأْمَنُهُ وَيَعْمَلُ بِمَا يُمْكِنُهُ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ. وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُمْ نِفَاقٌ إنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ. وَلَكِنْ كَانَ بِمَكَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ كَمَا قَالَ فِي السُّورَةِ الْمَكِّيَّةِ {وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} . وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِيمَانِ مَا كَانَ لِيَدَعَهُمْ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثُ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَمْتَحِنُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} وَقَالَ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute