فَأَفْتَى بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ؛ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَا يَتَوَضَّأُ أُصَلِّي خَلْفَهُ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَلَا تُصَلِّي خَلْفَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ كَلَامَ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ؛ وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ لَمَّا شَمَّتَ الْعَاطِسَ؛ وَحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالُوا: حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ بَعْدَ خَيْبَرَ؛ إذْ قَدْ شَهِدَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَامَ خَيْبَرَ وَتَحْرِيمُ الْكَلَامِ كَانَ قَبْلَ رُجُوعِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ الْحَبَشَةِ وَابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ بَدْرًا. وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّنْبِيهِ بِالْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ التَّوَسُّعِ مَا يُوَافِقُ السُّنَّةَ بِخِلَافِ الْكُوفِيِّينَ: فَإِنَّهُمْ ضَيَّقُوا فِي هَذَا الْبَابِ تَضْيِيقًا كَثِيرًا وَجَعَلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْكَلَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute