للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْمَد -: أَنَّهُ إنْ كَانَ بِشَهْوَةِ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلَ مَالِكٍ هُمَا الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ فِي السَّلَفِ وَأَمَّا إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ النِّسَاءِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَقَوْلٌ شَاذٌّ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا فِي أَثَرٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا هُوَ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الشَّرِيعَةِ؛ فَإِنَّ اللَّمْسَ الْعَارِيَ عَنْ شَهْوَةٍ لَا يُؤَثِّرُ لَا فِي الْإِحْرَامِ وَلَا فِي الِاعْتِكَافِ كَمَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا اللَّمْسُ مَعَ الشَّهْوَةِ وَلَا يُكْرَهُ لِصَائِمِ وَلَا يُوجِبُ مُصَاهَرَةً وَلَا يُؤَثِّرُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ فَمَنْ جَعَلَهُ مُفْسِدًا لِلطَّهَارَةِ فَقَدْ خَالَفَ الْأُصُولَ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} إنْ أُرِيدَ بِهِ الْجِمَاعُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ وَغَيْرُهُ فَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَامَسْتُمْ فِي الْوُضُوءِ كَقَوْلِهِ فِي الِاعْتِكَافِ: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وَالْمُبَاشَرَةُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تُؤَثِّرُ هُنَاكَ؛ فَكَذَلِكَ هُنَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} . هَذَا مَعَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَا زَالَ الرِّجَالُ يَمَسُّونَ النِّسَاءَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبًا لَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ وَلَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُنْقَلُ وَيُؤْثَرُ.