عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ. وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْ عُمَرَ وَعَمَّارًا بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَمَّا كَانَا جُنُبَيْنِ. فَعُمَرُ لَمْ يُصَلِّ وَعَمَّارُ تَمَرَّغَ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ ظَنًّا أَنَّ التُّرَابَ يَصِلُ إلَى حَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحِبَالُ السُّودُ مِنْ الْبِيضِ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ صَلَّوْا إلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ الْخَبَرُ النَّاسِخُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ بِالْحَبَشَةِ وَبَعْضُهُمْ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِهَا بَلْ بَعْضُ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّوْا بَعْضَ الصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ وَبَعْضَهَا إلَى الصَّخْرَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَنَظَائِرُهَا مُتَعَدِّدَةٌ. فَمَنْ اسْتَقْرَأَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ أَحَدِهِمَا سَقَطَ عَنْهُ مَا يُعْجِزُهُ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وَلِهَذَا عُذِرَ الْمُجْتَهِدُ الْمُخْطِئُ لِعَجْزِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُفَرِّطِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: {صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ} وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كَبِيرَةٌ تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute