للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ " السَّلَفِ " أَنَّ مَنْ جَحَدَ رُؤْيَةَ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْعِلْمُ فِي ذَلِكَ عُرِّفَ ذَلِكَ كَمَا يُعَرَّفُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْجُحُودِ بَعْدَ بُلُوغِ الْعِلْمِ لَهُ فَهُوَ كَافِرٌ. وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ قَدْ دَوَّنَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا " كُتُبًا " مِثْلَ: " كِتَابِ الرُّؤْيَةِ " للدارقطني وَلِأَبِي نُعَيْمٍ وللآجري؛ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُونَ فِي السُّنَّةِ كَابْنِ بَطَّةَ واللالكائي وَابْنِ شَاهِينَ وَقَبْلَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَحَنْبَلُ بْنُ إسْحَاقَ وَالْخَلَّالُ والطَّبَرَانِي وَغَيْرُهُمْ. وَخَرَّجَهَا أَصْحَابُ الصَّحِيحِ وَالْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهِمْ. فَأَمَّا " مَسْأَلَةُ رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ " فَأَوَّلُ مَا انْتَشَرَ الْكَلَامُ فِيهَا وَتَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا - فِيمَا بَلَغَنَا - بَعْدَ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَمْسَكَ عَنْ الْكَلَامِ فِي هَذَا قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَتَكَلَّمَ فِيهَا آخَرُونَ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ " مَعَ أَنِّي مَا عَلِمْت أَنَّ أُولَئِكَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهَا تَلَاعَنُوا وَلَا تهاجروا فِيهَا؛ إذْ فِي الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ قَوْمٌ فِيهِمْ فَضْلٌ وَهُمْ أَصْحَابُ سُنَّةٍ. وَالْكَلَامُ فِيهَا قَرِيبٌ مِنْ الْكَلَامِ فِي مَسْأَلَةِ " مُحَاسَبَةِ الْكُفَّارِ " هَلْ يُحَاسَبُونَ أَمْ لَا؟ هِيَ مَسْأَلَةٌ لَا يُكْفَرُ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنْ لَا يُضَيَّقَ فِيهَا وَلَا يُهْجَرَ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ بَشَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُمْ يُحَاسَبُونَ. وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُصَلَّى خَلْفَ الْفَرِيقَيْنِ بَلْ يَكَادُ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ يَرْتَفِعُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ؛ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا