للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: كَمَا فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُغَيَّبَاتِ بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فِي بَيْعِ مَا لَمْ يَرَهُ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى قَوْلِنَا: لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ. فَإِذَا صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ فَهَذَا مِنْ الْغَائِبِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا كَمَذْهَبِ مَالِكٍ إلْحَاقًا لَهَا بِلُبِّ الْجَوْزِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَهْلَ الْخِبْرَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِرُؤْيَةِ وَرِقِ هَذِهِ الْمَدْفُونَاتِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَجْوَدَ مِمَّا يَعْلَمُونَ الْعَبْدَ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ. وَالْمَرْجِعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَى الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ وَهُمْ يُقِرُّونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَمَا يُعْرَفُ غَيْرُهَا مِمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَأَوْلَى. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مِمَّا تَمَسُّ حَاجَةُ النَّاسِ إلَى بَيْعِهِ؛ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُبَعْ حَتَّى يُقْلَعَ حَصَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ مُبَاشَرَةُ الْقَلْعِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِيهِ. وَإِنْ قَلَعُوهُ جُمْلَةً فَسَدَ بِالْقَلْعِ. فَبَقَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ كَبَقَاءِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا فِي قِشْرِهِ الْأَخْضَرِ. وَأَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ يُجَوِّزُونَ الْعَرَايَا مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْمُزَابَنَةِ لِحَاجَةِ الْمُشْتَرِي إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ أَوْ الْبَائِعِ إلَى أَكْلِ التَّمْرِ، فَحَاجَةُ الْبَائِعِ هُنَا أَوْكَدُ بِكَثِيرِ. وَسَنُقَرِّرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.