للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ إذَا أَخَذُوا عَلَيْهَا رِزْقًا لَا سِيَّمَا مَعَ الْعِلْمِ بِكَثْرَةِ مَنْ يَشْهَدُ بِالزُّورِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الشُّهُودَ فِي الشَّامِ الْمُرْتَزِقَةَ بِالشَّهَادَةِ لَا يَشْهَدُونَ فِي الاجتهاديات كَالْأَعْشَارِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ وَالْأَهْلِيَّةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ بَلْ يَشْهَدُونَ بِالْحِسِّيَّاتِ كَاَلَّذِي سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ؛ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بالاجتهاديات يَدْخُلُهَا التَّأْوِيلُ وَالتُّهَمُ فَالْجُعْلُ يُسَهِّلُ الشَّهَادَةَ فِيهَا بِغَيْرِ تَحَرٍّ؛ بِخِلَافِ الْحِسِّيَّاتِ؛ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا كَذِبٌ صَرِيحٌ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ يُقَدَّمُ عَلَى صَرِيحِ الزُّورِ. وَهَؤُلَاءِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ بَلْ إذَا أَتَى الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمَنْ يُعْرَفُ صِدْقُهُ مِنْ جِيرَانِهِ وَمَعَارِفِهِ وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ. وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ بِالرَّبْطِ وَالزَّوَايَا غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ بَاطِلٌ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ. كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ فِيهِمْ مُسْتَحِقٌّ لِمَا يَأْخُذُهُ هُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا فَلَا هَذَا وَلَا هَذَا؛ بَلْ فِيهِمْ الْمُسْتَحِقُّ الَّذِي يَأْخُذُ حَقَّهُ. وَفِيهِمْ مَنْ يَأْخُذُ فَوْقَ حَقِّهِ. وَفِيهِمْ مَنْ لَا يُعْطَى إلَّا دُونَ حَقِّهِ. وَفِيهِمْ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ. حَتَّى إنَّهُمْ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَشْتَرِكُونَ فِيهِ يُعْطَى أَحَدُهُمْ أَفْضَلَ مِمَّا يُعْطَى الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ أَغْنَى مِنْهُ؛ خِلَافَ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْعَدْلِ الَّذِينَ يُسَوُّونَ فِي الطَّعَامِ بِالْعَدْلِ كَمَا يُعْمَلُ فِي رِبَاطَاتِ أَهْلِ الْعَدْلِ. وَأَمَرَ وَلِيُّ الْأَمْرِ هَؤُلَاءِ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ وَأَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ.