امْتَنَعَ الرَّدُّ إلَيْهِ وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَائِرُ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَتُبَيِّنُهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْ مُجْمَلِهِ وَأَنَّهَا تُفَسِّرُ مُجْمَلَ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ. وَقَالَ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} إلَى قَوْلِهِ: {فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} . وَمِنْ أَعْظَمِ الِاخْتِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ الْخَبَرِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ حَاكِمًا بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ حَاكِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ مُمْكِنًا وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ دَلِيلًا وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ الَّذِي يُبَيِّنُ مَا فِي نَفْسِهِ لَا يَحْكُمُ بِشَيْءِ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ هُوَ الْحَاكِمُ بِالْكِتَابِ فَإِنَّ حُكْمَهُ فَصْلٌ يَفْصِلُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْبَيَانِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ: {إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} أَيْ فَاصِلٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَكَيْفَ يَكُونُ فَصْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَى مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ سَبِيلٌ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} فَذَمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ كَمَا ذَمَّ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ مَعْنَاهُ وَيُكَذِّبُونَ فَقَالَ تَعَالَى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute