وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَتُهُ فِي التَّوْرَاةِ إنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُك الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظِّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ وَيَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ فَأَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا بِأَنْ يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ إنَّمَا أَطَاقُوا حَمْلَ الْعَرْشِ بِقَوْلِهِمْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ} قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} إلَى قَوْلِهِ {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ. وَ (قِسْمٌ ثَانٍ: يَشْهَدُونَ رُبُوبِيَّةَ الْحَقِّ وَافْتِقَارَهُمْ إلَيْهِ وَيَسْتَعِينُونَ بِهِ لَكِنْ عَلَى أَهْوَائِهِمْ وَأَذْوَاقِهِمْ غَيْرَ نَاظِرِينَ إلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَهَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَفَقِّرَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَلِهَذَا كَثِيرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute