للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّينَ جَمِيعًا مَعَ أَنَّهُ خَصَّ أَحَدَهُمَا بِفَهْمِ تِلْكَ الْحُكُومَةِ. وَالدِّينُ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِأَحَدِ بَعْدَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ دِينِهِ شَيْئًا. هَذَا دِينُ الْمُسْلِمِينَ. بِخِلَافِ النَّصَارَى فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ لِعُلَمَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ أَنْ يَشْرَعُوا شَرْعًا يُخَالِفُ شَرْعَ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمْ الْحَرَامَ فَأَطَاعُوهُمْ وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الْحَلَالَ فَأَطَاعُوهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ عِبَادَتَهُمْ إيَّاهُمْ} . وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ عِبَادَةٌ وَطَاعَةٌ وَقُرْبَةٌ إلَّا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ وَاتِّبَاعٍ لِمَنْ قَبْلُهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . وَقَدْ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّفَرُ إلَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. بِخِلَافِ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} .