الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ الَّذِينَ يَعْجِزُونَ عَنْهُ أَدَاءً وَقَضَاءً وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا هَلْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْفِدْيَةُ بِالْإِطْعَامِ؟ فَأَوْجَبَهَا الْجُمْهُورُ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَلَمْ يُوجِبْهَا مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ: فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} وَقَدْ تَنَازَعُوا: هَلْ الِاسْتِطَاعَةُ مُجَرَّدُ وُجُودِ الْمَالِ؟ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَوْ مُجَرَّدُ الْقُدْرَةِ وَلَوْ بِالْبَدَنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؟ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ؟ وَالْأَوَّلُونَ يُوجِبُونَ عَلَى الْمَغْصُوبِ أَنْ يَسْتَنِيبَ بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ. بَلْ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَمْ يَكْتَفِ الشَّارِعُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْمِكْنَةِ وَلَوْ مَعَ الضَّرَرِ بَلْ مَتَى كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ مَعَ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ جُعِلَ كَالْعَاجِزِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ الشَّرِيعَةِ: كَالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ وَالصِّيَامِ فِي الْمَرَضِ وَالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ " {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: لَا تزرموه - أَيْ لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ - فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ} وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: - لِمُعَاذِ وَأَبِي مُوسَى حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ - يَسِّرَا وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute