للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُجِيبُ أَحَدًا وَلَا يُحْدِثُ فِي الْعَالَمِ شَيْئًا وَلَا سَبَبً لِلْحُدُوثِ عِنْدَهُمْ إلَّا حَرَكَاتُ الْفَلَكِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهُمْ يُؤَثِّرُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفُ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ فِي هَيُولَى الْعَالَمِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ وَكَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ فَأَمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ إنِّي اتَّخَذْت وَلَدًا وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إعَادَتِهِ} وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُتَنَاوِلًا قَطْعًا لِكُفَّارِ الْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} إلَى قَوْلِهِ: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا} {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} فَذِكْرُ اللَّهِ هَذَا وَهَذَا فَتَنَاوُلُ النُّصُوصِ لِهَؤُلَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُنْكِرُونَ الْإِعَادَةَ وَالِابْتِدَاءَ أَيْضًا فَلَا يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ ابْتَدَأَ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا كَانَ لِلْبَشَرِ ابْتِدَاءٌ أَوَّلُهُمْ آدَمَ وَأَمَّا شَتْمُهُمْ إيَّاهُ بِقَوْلِهِمْ اتَّخَذَ وَلَدًا فَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ الْفَلَكُ كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ مَعْلُولٌ لَهُ أَعْظَمُ مِنْ لُزُومِ الْوَلَدِ وَالِدَهُ وَالْوَالِدُ لَهُ اخْتِيَارٌ وَقُدْرَةٌ فِي حُدُوثِ الْوَلَدِ مِنْهُ وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ لِلَّهِ مَشِيئَةٌ وَقُدْرَةٌ فِي لُزُومِ الْفَلَكِ لَهُ بَلْ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفَعَ لُزُومَهُ عَنْهُ فَالتَّوَلُّدُ الَّذِي يُثْبِتُونَهُ أَبْلَغُ مِنْ التَّوَلُّدِ الْمَوْجُودِ فِي الْخَلْقِ وَلَا يَقُولُونَ: إنَّهُ اتَّخَذَ وَلَدًا بِقُدْرَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ