فَأَيُّ عَمَلٍ كَانَ لَهُ أَنْفَعَ وَلِلَّهِ أَطْوَعَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مِنْ تَكَلُّفِ عَمَلٍ لَا يَأْتِي بِهِ عَلَى وَجْهِهِ بَلْ عَلَى وَجْهٍ نَاقِصٍ وَيَفُوتُهُ بِهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ الذِّكْرَ فِي فِعْلِهِ الْخَاصِّ: كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَأَنَّ الذِّكْرَ وَالْقِرَاءَةَ وَالدُّعَاءَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا خَيْرٌ مِنْ الصَّلَاةِ. وَالزُّهْدُ هُوَ ضِدُّ الرَّغْبَةِ وَهُوَ كَالْبُغْضِ الْمُخَالِفِ لِلْمَحَبَّةِ وَالْكَرَاهَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْإِرَادَةِ وَكُلٌّ مِنْ الْإِرَادَةِ وَالْكَرَاهَةِ لَهُ أَقْسَامٌ فِي نَفْسِهِ وَفِي مُتَعَلَّقِهِ فَالزُّهْدُ فِيهِ انْقِسَامٌ: إلَى الْمَزْهُودِ فِيهِ وَإِلَى نَفْسِ الزُّهْدِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ الزُّهْدَ. . . (١) وَأَمَّا نَفْسُ الزُّهْدِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الرَّغْبَةِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ وَالْبُغْضُ فَحَقِيقَةُ الْمَشْرُوعِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَرَاهَةُ الْعَبْدِ وَبُغْضُهُ وَحُبُّهُ تَابِعًا لِحُبِّ اللَّهِ وَبُغْضِهِ وَرِضَاهُ وَسَخَطِهِ فَيُحِبُّ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَيَبْغُضُ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَيَرْضَى مَا يَرْضَاهُ وَيَسْخَطُ مَا يَسْخَطُهُ اللَّه بِحَيْثُ لَا يَكُونُ تَابِعًا هَوَاهُ بَلْ لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الزُّهَّادِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَعْرَضُوا عَنْ فُضُولِهَا وَلَمْ يُقْبِلُوا عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا الزُّهْدِ يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَلِهَذَا كَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ زُهَّادٌ وَفِي أَهْلِ الْكِتَابِ زُهَّادٌ وَفِي أَهْلِ الْبِدَعِ زُهَّادٌ.
(١) بياض في الأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute