للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تَوَقَّفَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُوجَزِ وَكَانَ أَبُو الْمَعَالِي يَخْتَارُهُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَطَعَ أَنَّ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ مُحَالٌ وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِي وَغَيْرِهِ وَهَذَا (الثَّانِي) هُوَ مَذْهَبُ أَبِي إسْحَاقَ الإسفراييني وَأَبِي بَكْرِ بْنِ فورك، وَأَبِي الْقَاسِم الْأَشْعَرِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَادَّعَى أَبُو إسْحَاقَ الإسفراييني أَنَّهُ مَذْهَبُ شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ فَأَمَّا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَقَدْ قَالَ بِجَوَازِهِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ تَكْلِيفِ الْعَاجِزِ وَبَيْنَ تَكْلِيفِ الْقَادِرِ عَلَى التَّرْكِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلٌ ثَالِثٌ) : وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْلِيفُ كُلِّ مَا يُمْكِنُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا فِي الْعَادَةِ كَالْمَشْيِ عَلَى الْوَجْهِ وَنَقْطِ الْأَعْمَى الْمُصْحَفَ دُونَ الْمُمْتَنِعِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. وَفَصْلُ الْخِطَابِ فِي " هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ " أَنَّ النِّزَاعَ فِيهَا فِي أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: التَّكْلِيفُ الْوَاقِعُ الَّذِي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَهُوَ أَمْرُ الْعِبَادِ كُلِّهِمْ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِهِ وَتَقْوَاهُ هَلْ يُسَمَّى هَذَا أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ؟ فَمَنْ قَالَ: بِأَنَّ الْقُدْرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْفِعْلِ يَقُولُ: إنَّ الْعَاصِيَ كُلِّفَ مَا لَا يُطِيقُهُ وَيَقُولُ: إنَّ كُلَّ أَحَدٍ كُلِّفَ حِينَ كَانَ غَيْرَ مُطِيقٍ؛ وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَقَدُّمَ الْعِلْمِ، وَالْكِتَابَ بِالشَّيْءِ يَمْنَعُ