للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَسْتَحِبُّوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُتَابَعَةِ لَهُ إذْ الْمُتَابَعَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَصْدِ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ هُوَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بَلْ حَصَلَ لَهُ بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ كَانَ فِي قَصْدِهِ غَيْرَ مُتَابِعٍ لَهُ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ؛ لَكِنَّ نَفْسَ فِعْلِهِ حَسَنٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَأُحِبُّ أَنْ أَفْعَلَ مِثْلَهُ إمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي مَحَبَّتِهِ وَإِمَّا لِبَرَكَةِ مُشَابَهَتِهِ لَهُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ إخْرَاجُ التَّمْرِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِمَنْ لَيْسَ ذَلِكَ قُوتَهُ وَأَحْمَد قَدْ وَافَقَ ابْنَ عُمَرَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَيُرَخِّصُ فِي مِثْلِ مَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَخَّصَ أَحْمَد فِي التَّمَسُّحِ بِمَقْعَدِهِ مِنْ الْمِنْبَرِ اتِّبَاعًا لِابْنِ عُمَرَ. وَعَنْ أَحْمَد فِي التَّمَسُّحِ بِالْمِنْبَرِ رِوَايَتَانِ: أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَيَكْرَهُونَ هَذِهِ الْأُمُورَ وَإِنْ فَعَلَهَا ابْنُ عُمَرَ؛ فَإِنَّ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَفْعَلْهَا. فَقَدْ ثَبَتَ الْإِسْنَادُ الصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَرِ فَرَآهُمْ يَنْتَابُونَ مَكَانًا يُصَلُّونَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِكُمْ مَسَاجِدَ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا مَنْ أَدْرَكَتْهُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ فِيهِ وَإِلَّا فَلْيَمْضِ.