للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ يُرَخِّصُونَ فِيهِ وَفِي رِوَايَاتِ أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ. وَأَمَّا أَنْ يُثْبِتُوا أَنَّ هَذَا عَمَلٌ مُسْتَحَبٌّ مَشْرُوعٌ بِحَدِيثِ ضَعِيفٍ فَحَاشَا لِلَّهِ كَمَا أَنَّهُمْ إذَا عَرَفُوا أَنَّ الْحَدِيثَ كَذِبٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِلُّونَ رِوَايَتَهُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ كَذِبٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ} . وَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ فَهُوَ عِبَادَةٌ يُشْرَعُ التَّأَسِّي بِهِ فِيهِ. فَإِذَا خَصَّصَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا بِعِبَادَةِ كَانَ تَخْصِيصُهُ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ سُنَّةً: كَتَخْصِيصِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ بِالِاعْتِكَافِ فِيهَا وَكَتَخْصِيصِهِ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ فَالتَّأَسِّي بِهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ. وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُقْصَدَ مِثْلَمَا قَصَدَ فَإِذَا سَافَرَ لِحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ جِهَادٍ وَسَافَرْنَا كَذَلِكَ كُنَّا مُتَّبِعِينَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ لِإِقَامَةِ حَدٍّ؛ بِخِلَافِ مَنْ شَارَكَهُ فِي السَّفَرِ وَكَانَ قَصْدُهُ غَيْرَ قَصْدِهِ أَوْ شَارَكَهُ فِي الضَّرْبِ وَكَانَ قَصْدُهُ غَيْرَ قَصْدِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِمُتَابِعِ لَهُ وَلَوْ فَعَلَ فِعْلًا بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ مِثْلَ نُزُولِهِ فِي السَّفَرِ بِمَكَانِ أَوْ أَنْ يَفْضُلَ فِي إدَاوَتِهِ مَاءٌ فَيَصُبَّهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ أَوْ أَنْ تَمْشِيَ رَاحِلَتُهُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الطَّرِيقِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَلْ يُسْتَحَبُّ قَصْدُ مُتَابَعَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحِبُّ أَنْ