للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ التستري: يَا مَعْشَرَ الصُّوفِيَّةِ لَا تُفَارِقُوا السَّوَادَ عَلَى الْبَيَاضِ فَمَا فَارَقَ أَحَدٌ السَّوَادَ عَلَى الْبَيَاضِ إلَّا تَزَنْدَقَ. وَقَالَ الْجُنَيْد: عِلْمُنَا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْقُرْآنَ وَيَكْتُبْ الْحَدِيثَ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَنْفِرُ مِمَّنْ يَذْكُرُ الشَّرْعَ أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ كِتَابٌ أَوْ يَكْتُبُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ اسْتَشْعَرُوا أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ طَرِيقَهُمْ فَصَارَتْ شَيَاطِينُهُمْ تُهَرِّبُهُمْ مِنْ هَذَا كَمَا يُهَرِّبُ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ ابْنَهُ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَا يَتَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ فِي دِينِهِ وَكَمَا كَانَ قَوْمُ نُوحٍ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَيَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلَا يَرَوْهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُشْرِكِينَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} . وَهُمْ مِنْ أَرْغَبْ النَّاسِ فِي السَّمَاعِ الْبِدْعِيِّ سَمَاعِ الْمَعَازِفِ. وَمِنْ أَزْهَدِهِمْ فِي السَّمَاعِ الشَّرْعِيِّ سَمَاعِ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَانَ مِمَّا زَيَّنَ لَهُمْ طَرِيقَهُمْ أَنْ وَجَدُوا كَثِيرًا مِنْ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَالْكُتُبِ مُعْرِضِينَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُلُوكِ سَبِيلِهِ إمَّا اشْتِغَالًا بِالدُّنْيَا وَإِمَّا بِالْمَعَاصِي وَإِمَّا جَهْلًا وَتَكْذِيبًا بِمَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ التَّأَلُّهِ وَالْعِبَادَةِ فَصَارَ وُجُودُ هَؤُلَاءِ مِمَّا يُنَفِّرُهُمْ وَصَارَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نَوْعُ تَبَاغُضٍ يُشْبِهُ