للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَكَذَا شَهَادَةُ اللَّهِ بَيْنَ الرَّسُولِ وَمُتَّبِعِيهِ وَبَيْنَ مُكَذِّبِيهِ فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ حُكْمَ اللَّهِ لِلرَّسُولِ وَأَتْبَاعِهِ يَحْكُمُ بِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ عَلَى أَنَّهَا الْحَقُّ وَتِلْكَ الْآيَاتُ أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَيَحْكُمُ لَهُ أَيْضًا بِالنَّجَاةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلِمُكَذِّبِيهِ بِالْهَلَاكِ وَالْعَذَابِ وَشَقَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} فَيُظْهِرُهُ بِالدَّلَائِلِ وَالْآيَاتِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ حَقٌّ وَيُظْهِرُهُ أَيْضًا بِنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ عَلَى مُخَالِفِيهِ وَيَكُونُ مَنْصُورًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} فَهَذِهِ شَهَادَةُ حُكْمٍ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ} . قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْفِرَاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: {شَهِدَ اللَّهُ} أَيْ حَكَمَ وَقَضَى؛ لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي قَوْلِهِ {بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أَظْهَرُ وَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ لِآخَرَ: فُلَانٌ شَاهِدٌ بَيْنِي وَبَيْنَك أَيْ يَتَحَمَّلُ الشَّهَادَةَ بِمَا بَيْنَنَا فَاَللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَهُ وَيَقُولُهُ وَهَذَا مِثْلُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَعْمَالِ الْعِبَادِ؛ وَلَكِنْ الْمُكَذِّبُونَ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ التَّكْذِيبَ وَلَا كَانُوا يَتَّهِمُونَ الرَّسُولَ بِأَنَّهُ يُنْكِرُ دَعْوَى الرِّسَالَةِ فَيَكُونُ الشَّهِيدُ بِتَضَمُّنِ الْحُكْمِ أَثْبَتَ وَأَشْبَهَ بِالْقُرْآنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.