للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ تَعَالَى مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ. وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ} . فَهَذَا الْمُؤْمِنُ الَّذِي تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَحَبَّهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وَفِي الْحَقِيقَةِ فَالْعَبْدُ الَّذِي يَرْضَى اللَّهُ لِرِضَاهُ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ هُوَ يَرْضَى لِرِضَا اللَّهِ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِ اللَّهِ وَلْيَكُنْ هَذَانِ مِثَالَانِ: فَمَنْ أَحَبَّ مَا أَحَبَّ اللَّهُ وَأَبْغَضَ مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَرَضِيَ مَا رَضِيَ اللَّهُ لِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَيَغْضَبُ لِمَا يَغْضَبُ؛ لَكِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ لِلْبَشَرِ عَلَى سَبِيلِ الدَّوَامِ بَلْ لَا بُدَّ لِأَكْمَلِ الْخَلْقِ أَنْ يَغْضَبَ أَحْيَانًا غَضَبَ الْبَشَرِ وَيَرْضَى رِضَا الْبَشَرِ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {: اللَّهُمَّ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَبَبْته أَوْ لَعَنْته وَلَيْسَ لِذَلِكَ بِأَهْلِ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ إلَيْك يَوْمَ الْقِيَامَةِ}