للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْسِهِ فَيَكُونُ بَعْضُهُ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ؟ وَهَذَا فِيهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَتَفَاضَلُ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَةٌ لَهُ قَالُوا: وَصِفَةُ اللَّهِ لَا تَتَفَاضَلُ. لَا سِيَّمَا مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ فَإِنَّ الْقَدِيمَ لَا يَتَفَاضَلُ كَذَلِكَ قَالَ هَؤُلَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} قَالُوا فَخَيْرٍ إنَّمَا يَعُودُ إلَى غَيْرِ الْآيَةِ مِثْلَ نَفْعِ الْعِبَادِ وَثَوَابِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ؛ فَإِنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْفَاتِحَةِ: أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا الزَّبُورِ وَلَا الْقُرْآنِ مِثْلُهَا} فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لَهَا مِثْلٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُتَمَاثِلٌ؟ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ قَالَ لأبي بْنِ كَعْبٍ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؛ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ لَهُ ليهنك الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ} فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَعْظَمُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا بَيَّنَ أَنَّ بَعْضَ الْآيَاتِ أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَالْكَلَامُ يَشْرُفُ بِالْمُتَكَلِّمِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ خَبَرًا أَوْ أَمْرًا فَالْخَبَرُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْمُخْبِرِ وَبِشَرَفِ الْمَخْبَرِ عَنْهُ وَالْأَمْرُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْآمِرُ وَبِشَرَفِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَالْقُرْآنُ وَإِنْ كَانَ