للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ عَنْ أَصْحَابِك} . فَنَهَى عَنْ أَنْ يُسْمِعَهُمْ إسْمَاعًا يَكُونُ ضَرَرُهُ أَعْظَمَ مِنْ نَفْعِهِ. وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ وَالْمَصْلَحَةُ هِيَ الْمَنْفَعَةُ وَالْمَفْسَدَةُ هِيَ الْمَضَرَّةُ. فَهُوَ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالتَّذْكِيرِ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ رَاجِحَةً وَهُوَ أَنْ تَحْصُلَ بِهِ مَنْفَعَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى الْمَضَرَّةِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. فَحَيْثُ كَانَ الضَّرَرُ رَاجِحًا فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَمَّا يَجْلِبُ ضَرَرًا رَاجِحًا. وَالنَّفْعُ أَعَمُّ فِي قَبُولِ جَمِيعِهِمْ فَقَبُولُ بَعْضِهِمْ نَفْعٌ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْبَلْ نَفْعٌ وَظُهُورُ كَلَامِهِ حَتَّى يُبَلِّغَ الْبَعِيدَ نَفْعٌ وَبَقَاؤُهُ عِنْدَ مَنْ سَمِعَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ نَفْعٌ. فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَّرَ قَطُّ إلَّا ذِكْرَى نَافِعَةً لَمْ يُذَكِّرْ ذِكْرَى قَطُّ يَكُونُ ضَرَرُهَا رَاجِحًا. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً وَمَنْفَعَتُهُ رَاجِحَةً. وَأَمَّا مَا كَانَتْ مُضَرَّتُهُ رَاجِحَةً فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِهِ. وَأَمَّا جَهْمٌ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْجَبْرِيَّةِ فَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ يَأْمُرُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَصْلَحَةٌ أَلْبَتَّةَ بَلْ يَكُونُ ضَرَرًا مَحْضًا إذَا فَعَلَهُ