حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} . فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُذَكِّرُهُمْ كَمَا يُذَكِّرُ الْمُؤْمِنِينَ إذَا كَانَتْ الْحُجَّةُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْ التَّذْكِرَةِ لَا يَسْمَعُونَ. وَلِهَذَا قَالَ. {عَبَسَ وَتَوَلَّى} {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى} {وَهُوَ يَخْشَى} {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} فَأَمَرَهُ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى مَنْ جَاءَهُ يَطْلُبُ أَنْ يَتَزَكَّى وَأَنْ يَتَذَكَّرَ. وَقَالَ: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} إلَى قَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} فَذَكَرَ التَّذَكُّرَ وَالتَّزَكِّي كَمَا ذَكَرَهُمَا هُنَاكَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا يَنْتَفِعُ بِالذِّكْرَى دُونَ ذَاكَ. فَيَكُونُ مَأْمُورًا أَنْ يُذَكِّرَ الْمُنْتَفِعِينَ بِالذِّكْرَى تَذْكِيرًا يَخُصُّهُمْ بِهِ غَيْرَ التَّبْلِيغِ الْعَامِّ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ كَمَا قَالَ: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} . وَقَالَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: وَلَا تَجْهَرْ بِهِ فَيَسْمَعَهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَا تُخَافِتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute