للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَذْكِيرِهِ تَذَكَّرَ أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ. وَتَذْكِيرُهُ نَافِعٌ لَا مَحَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا يُنَاسِبُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا يُرَادُ بِهِ تَوْبِيخَ مِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} فَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالنَّحَّاسُ وَالزَّهْرَاوِيُّ: مَعْنَاهُ " وَإِنْ لَمْ تَنْفَعْ " فَاقْتَصَرَ عَلَى الِاسْمِ الْوَاحِدِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الثَّانِي. قَالَ وَقَالَ بَعْضُ الْحُذَّاقِ: قَوْلُهُ: {إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ لِقُرَيْشِ. أَيْ إنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى فِي هَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ الْعُتَاةِ. وَهَذَا كَنَحْوِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَقَدْ أَسْمَعْت لَوْ نَادَيْت حَيًّا … وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي

وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا تَقُولُ لِرَجُلِ: " قُلْ لِفُلَانِ وَاعْذُلْهُ إنْ سَمِعَك " إنَّمَا هُوَ تَوْبِيخٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ.

قُلْت: هَذَا الْقَائِلُ هُوَ الزمخشري وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ بَعْضُ الْحَقِّ. لَكِنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ ذَاكَ الْقَوْلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. فَإِنَّ مَضْمُونَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَذْكِيرِ مَنْ لَا يَقْبَلُ وَلَا يَنْفَعُ بِالذِّكْرَى دُونَ مَنْ يَقْبَلُ كَمَا قَالَ: " إنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى فِي هَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ الْعُتَاةِ " وَكَمَا أَنْشَدَهُ فِي الْبَيْتِ.