للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَكَلِّمِي أَصْحَابِنَا وَفُقَهَائِهِمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَجُوزُ عَقْلًا لَكِنَّ الْمَانِعَ سَمْعِيٌّ. وَهَذَا قَدْ يَقُولُهُ أَيْضًا مَنْ لَا يَرَى الْإِجْزَاءَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَهُوَ أَشْبَهُ عِنْدِي بِقَوْلِ أَحْمَد؛ فَإِنَّ أُصُولَهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ وُرُودُ التَّعَبُّدِ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ أُصُولَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْفِقْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَوِّزُهُ عَقْلًا وَسَمْعًا كَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ عَقْلًا لَكِنْ يَقُولُ: وَرَدَ سَمْعًا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْبَاقِلَانِي وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ الْخَطِيبِ زَعَمُوا أَنَّ الْعَقْلَ يَمْنَعُ كَوْنَ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مَأْمُورًا بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَلَكِنْ لَمَّا دَلَّ السَّمْعُ: إمَّا الْإِجْمَاعُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ قَالُوا: حَصَلَ الْإِجْزَاءُ عِنْدَهُ لَا بِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَفْسَدُ الْأَقْوَالِ. وَالصَّوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي الْعَقْلِ فَأَمَّا الْوُقُوعُ السَّمْعِيُّ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى دَلِيلِهِ وَذَلِكَ أَنَّ كَوْنَ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مَحْبُوبًا مَكْرُوهًا؛ مَرْضِيًّا مَسْخُوطًا مَأْمُورًا بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ مُقْتَضِيًا لِلْحَمْدِ وَالثَّوَابِ وَالذَّمِّ وَالْعِقَابِ لَيْسَ هُوَ مِنْ الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ؛ وَالْمُتَحَرِّكِ وَالسَّاكِنِ وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ؛ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ كَلَامٌ أَيْضًا. وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ