للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمُقْتَضَاهُ حُدُوثُ كُلِّ مَوْجُودٍ وَإِمْكَانُ كُلِّ مَوْجُودٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ قَدِيمٌ وَلَا وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ. فَأُصُولُهُمْ تُنَاقِضُ مَطْلُوبَهُمْ. وَهِيَ طَرِيقَةٌ مُضِلَّةٌ لَا هَادِيَةٌ. لَكِنَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} .

وَأَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: نُثْبِتُ الصَّانِعَ وَالْخَالِقَ وَيَقُولُونَ: إنَّا نَسْلُك غَيْرَ هَذِهِ الطَّرِيقِ كَالِاسْتِدْلَالِ بِحُدُوثِ الصِّفَاتِ عَلَى الرَّبِّ. فَإِنَّ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مَا الْتَزَمَهُ أُولَئِكَ. وَالرَّازِي قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الطَّرِيقَ. وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ نَفْسُهُ فَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِهَا. بَلْ " فِي اللُّمَعِ " و " رِسَالَتِهِ " إلَى الثَّغْرِ اسْتَدَلَّ بِالْحَوَادِثِ عَلَى حُدُوثِ مَا قَامَتْ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النُّطْفَةِ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. ثُمَّ جَعَلَ حُدُوثَ تِلْكَ الْجَوَاهِرِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى حُدُوثِهَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الصَّانِعِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقُ بَاطِلَةٌ كَمَا قَدْ بُيِّنَ. وَأَمَّا تِلْكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ أَفْسَدُوهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِمْ جَعَلُوا