للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرَكَاتِهَا وَتَحَوُّلَاتِهَا مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ وَمَا فِيهَا مِنْ الطَّبَائِعِ أَشْرَفُ مِنْ مُجَرَّدِ تَصَوُّرِ مَقَادِيرَ مُجَرَّدَةٍ وَأَعْدَادٍ مُجَرَّدَةٍ فَإِنَّ كَوْنَ الْإِنْسَانِ لَا يَتَصَوَّرُ إلَّا شَكْلًا مُدَوَّرًا أَوْ مُثَلَّثًا أَوْ مُرَبَّعًا - وَلَوْ تَصَوَّرَ كُلَّ مَا فِي إقليدس - أَوْ لَا يَتَصَوَّرُ إلَّا أَعْدَادًا مُجَرَّدَةً لَيْسَ فِيهِ عِلْمٌ بِمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَالَ النَّفْسِ؛ وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ طُلِبَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْمَعْدُودَاتِ وَالْمُقَدَّرَاتِ الْخَارِجَةِ الَّتِي هِيَ أَجْسَامٌ وَأَعْرَاضٌ لَمَا جُعِلَ عِلْمًا وَإِنَّمَا جَعَلُوا عِلْمَ الْهَنْدَسَةِ مَبْدَأَ تَعَلُّمِ الْهَيْئَةِ لِيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى بَرَاهِينِ الْهَيْئَةِ أَوْ يَنْتَفِعُوا بِهِ فِي عِمَارَةِ الدُّنْيَا هَذَا مَعَ أَنَّ بَرَاهِينَهُمْ الْقِيَاسِيَّةَ لَا تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ دَلَالَةً مُطَّرِدَةً يَقِينِيَّةً سَالِمَةً عَنْ الْفَسَادِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَوَادِّ الرِّيَاضِيَّةِ. فَإِنَّ " عِلْمَ الْحِسَابِ " الَّذِي هُوَ عِلْمٌ بِالْكَمِّ الْمُنْفَصِلِ و " الْهَنْدَسَةِ " الَّتِي هِيَ عِلْمٌ بِالْكَمِّ الْمُتَّصِلِ عِلْمٌ يَقِينِيٌّ لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ أَلْبَتَّةَ مِثْلَ جَمْعِ الْأَعْدَادِ وَقِسْمَتِهَا وَضَرْبِهَا وَنِسْبَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ؛ فَإِنَّك إذَا جَمَعْت مِائَةً إلَى مِائَةٍ عَلِمْت أَنَّهُمَا مِائَتَانِ فَإِذَا قَسَمْتهَا عَلَى عَشْرَةٍ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشْرَةٌ وَإِذَا ضَرَبْتهَا فِي عَشْرَةٍ كَانَ الْمُرْتَفِعُ مِائَةً. وَالضَّرْبُ مُقَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ؛ فَإِنَّ ضَرْبَ الْأَعْدَادِ الصَّحِيحَةِ تَضْعِيفُ آحَادِ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِآحَادِ الْعَدَدِ الْآخَرِ فَإِذَا قُسِمَ الْمُرْتَفِعُ بِالضَّرْبِ عَلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ خَرَجَ الْمَضْرُوبُ الْآخَرُ. وَإِذَا ضُرِبَ الْخَارِجُ بِالْقِسْمَةِ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ خَرَجَ الْمَقْسُومُ فَالْمَقْسُومُ نَظِيرُ الْمُرْتَفَعِ بِالضَّرْبِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَضْرُوبِينَ نَظِيرُ الْمَقْسُومِ وَالْمَقْسُومِ عَلَيْهِ وَالنِّسْبَةُ