بِذَلِكَ بَأْسًا وَيُنْظَرُ إلَى قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ. فَقَدْ نُصَّ عَلَى هَذَا وَتَبْدِيلُ بِنَائِهِ بِأَجْوَدَ وَإِنْ كَرِهَ الْوَاقِفُ الْأَوَّلُ وَعَلَى جَوَازِ رَفْعِهِ وَعَمَلِ سِقَايَةٍ تَحْتَهُ وَإِنْ مَنَعَهُمْ مَشَايِخُ ضُعَفَاءُ إذَا اخْتَارَ ذَلِكَ الْجِيرَانُ وَاعْتَبَرَ أَكْثَرُهُمْ. قَالَ: وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ: إذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مَنَارَةٌ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِحَصِينِ: فَلَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَضَ الْمَنَارَةُ فَتُجْعَلُ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ لِتَحْصِينِهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ لَوْ صَحَّ لَكَانَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. وَقَدْ رَجَّحُوا أَحَدَهُمَا. فَكَيْفَ وَهِيَ حُجَجٌ ضَعِيفَةٌ أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَجُوزُ النَّقْلُ وَالْإِبْدَالُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ: فَمَمْنُوعٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً لَا شَرْعِيَّةً وَلَا مَذْهَبِيَّةً. فَلَيْسَ عَنْ الشَّارِعِ وَلَا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ هَذَا النَّفْيُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ؛ بَلْ قَدْ دَلَّتْ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَأَقْوَالُ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ بِأَهْلِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحَوَّلَ إلَى مَوْضِعٍ أَوْسَعَ مِنْهُ. وَضِيقُهُ بِأَهْلِهِ لَمْ يُعَطِّلْ نَفْعَهُ؛ بَلْ نَفْعُهُ بَاقٍ كَمَا كَانَ؛ وَلَكِنْ النَّاسُ زَادُوا وَقَدْ أَمْكَنَ أَنْ يُبْنَى لَهُمْ مَسْجِدٌ آخَرُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَسَعَ جَمِيعَ النَّاسِ. وَمَعَ هَذَا جَوَّزَ تَحْوِيلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِمْ فِي مَسْجِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ كُلَّمَا كَثُرَ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute