للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا مُمْكِنًا لِاثْنَيْنِ فَإِنَّ حَالَ الشَّيْءِ فِي كَوْنِهِ مَقْدُورًا مُمْكِنًا لَا يَخْتَلِفُ بِتَعَدُّدِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَتَوَحُّدِهِ فَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَقْدُورًا لِوَاحِدِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَقْدُورًا لِاثْنَيْنِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ لِاثْنَيْنِ هُوَ مُمْكِنٌ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا لِوَاحِدِ. وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا كَانَ الْإِمْكَانُ وَالِامْتِنَاعُ لِمَعْنَى فِي الْمُمْكِنِ الْمَفْعُولِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ إذْ صِفَاتُ ذَاتِهِ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْحَالِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِمَعْنَى فِي الْقَادِرِ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ الْقَائِمَةَ بِاثْنَيْنِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَقُومَ بِوَاحِدِ؛ بَلْ إمْكَانُ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ أَنَّ الصِّفَاتِ بِأَسْرِهَا مِنْ الْقُدْرَةِ وَغَيْرِهَا: كُلُّ مَا كَانَ مَحَلُّهَا مُتَّحِدًا مُجْتَمِعًا كَانَ أَكْمَلَ لَهَا فِي أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا مُتَفَرِّقًا وَلِهَذَا كَانَ الِاجْتِمَاعُ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ يُوجِبُ لَهَا مِنْ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ مَا لَا يَحْصُلُ لَهَا إذَا تَفَرَّقَتْ وَانْفَرَدَتْ وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَالُهَا بَاقِيَةً بَلْ الْأَشْخَاصُ وَالْأَعْضَاءُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْأَجْسَامِ الْمُفْتَرِقَةِ قَدْ قَامَ بِكُلِّ مِنْهَا قُدْرَةٌ فَإِذَا قُدِّرَ اتِّحَادُهَا وَاجْتِمَاعُهَا كَانَتْ تِلْكَ الْقُدْرَةُ أَقْوَى وَأَكْمَلَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهَا مِنْ الِاتِّحَادِ وَالِاجْتِمَاعِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَا لَمْ يَكُنْ حِينَ الِافْتِرَاقِ وَالتَّعْدَادِ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْقَائِمَةَ بِاثْنَيْنِ إذَا قُدِّرَ أَنَّ ذَيْنَك الِاثْنَيْنِ كَانَا شَيْئًا وَاحِدًا تَكُونُ الْقُدْرَةُ أَكْمَلَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ مُسَاوِيَةً لِلْقُدْرَةِ