للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّذَّاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْخَشْيَةِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ وَالْمَهَابَةِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَجَائِهِ وَخَشْيَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ نَاهٍ يَنْهَاهُ. وَقَوْلُهُ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} بَيَانٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَصْلَحَةِ أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِي فِيهَا أَكْبَرُ مِنْ كَوْنِهَا نَاهِيَةً عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ: {إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وَالْأَوَّلُ تَابِعٌ فَهَذِهِ الْمَنْفَعَةُ وَالْمَصْلَحَةُ أَعْظَمُ مِنْ دَفْعِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمُؤْمِنُ الْفَاسِقُ يَئُول أَمْرُهُ إلَى الرَّحْمَةِ وَالْمُنَافِقُ الْمُتَعَبِّدُ أَمْرُهُ صَائِرٌ إلَى الشَّقَاءِ فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ هُوَ جِمَاعُ السَّعَادَةِ وَأَصْلُهَا. وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ الْمُجَرَّدِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَالصَّلَاةُ ذِكْرُ اللَّهِ لَكِنَّهَا ذِكْرٌ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ فَكَيْفَ يُفَضَّلُ ذِكْرُ اللَّهِ الْمُطْلَقُ عَلَى أَفْضَلِ أَنْوَاعِهِ؟ وَمِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ إلَى رَبِّكُمْ؛ وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ومنهاة عَنْ الْإِثْمِ؛ ومكفرة لِلسَّيِّئَاتِ وَمَطْرَدَةٌ لِدَاعِي الْحَسَدِ} فَبَيَّنَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ بِالْقُرْبِ إلَى اللَّهِ وَمُوَافَقَةِ الصَّالِحِينَ وَمِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ السَّيِّئَاتِ؛ وَالتَّكْفِيرِ لِلْمَاضِي مِنْهَا وَهُوَ نَظِيرُ الْآيَةِ.