للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَصْرِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرَدْ مِنَّا هَذَا؛ فَصَلُّوا فِي الطَّرِيقِ. فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدَةً مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ} فَالْأَوَّلُونَ تَمَسَّكُوا بِعُمُومِ الْخِطَابِ فَجَعَلُوا صُورَةَ الْفَوَاتِ دَاخِلَةً فِي الْعُمُومِ وَالْآخَرُونَ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ الدَّلِيلِ مَا يُوجِبُ خُرُوجَ هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الْعُمُومِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقَوْمِ. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ اخْتِلَافًا مَشْهُورًا: هَلْ يُخَصُّ الْعُمُومُ بِالْقِيَاسِ؟ وَمَعَ هَذَا فَاَلَّذِينَ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ كَانُوا أَصْوَبَ. وَكَذَلِكَ {بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا بَاعَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّهِ} وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى ذَلِكَ حُكْمَ آكِلِ الرِّبَا مِنْ التَّفْسِيقِ وَاللَّعْنِ وَالتَّغْلِيظِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ. وَكَذَلِكَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} مَعْنَاهُ الْحِبَالُ الْبِيضُ وَالسُّودُ فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَجْعَلُ عِقَالَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ وَيَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ {فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيٍّ: إنَّ وِسَادَكَ إذًا لَعَرِيضٌ إنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ} فَأَشَارَ إلَى عَدَمِ فِقْهِهِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ ذَمَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ بِخِلَافِ {الَّذِينَ أَفْتَوْا الْمَشْجُوجَ فِي الْبَرْدِ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: قَتَلُوهُ