للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَفِيعٍ مُطَاعٍ وَمِنْهَا رَحْمَةُ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ. فَإِذَا عُدِمَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ كُلُّهَا وَلَنْ تُعْدَمَ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ عَتَا وَتَمَرَّدَ وَشَرَدَ عَلَى اللَّهِ شِرَادَ الْبَعِيرِ عَلَى أَهْلِهِ فَهُنَالِكَ يَلْحَقُ الْوَعِيدُ بِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَعِيدِ بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ سَبَبٌ فِي هَذَا الْعَذَابِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ وَقُبْحُهُ أَمَّا أَنَّ كَلَّ شَخْصٍ قَامَ بِهِ ذَلِكَ السَّبَبُ يَجِبُ وُقُوعُ ذَلِكَ الْمُسَبَّبِ بِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا؛ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ الْمُسَبَّبِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَزَوَالِ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ. وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكًا جَائِزًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَالتَّرْكِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ؛ وَلَا قَصَّرَ فِي الطَّلَبِ مَعَ حَاجَتِهِ إلَى الْفُتْيَا أَوْ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ فَهَذَا لَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَعَرَّةِ التَّرْكِ شَيْءٌ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكًا غَيْرَ جَائِزٍ فَهَذَا لَا يَكَادُ يَصْدُرُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ قَدْ يَخَافُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ قَاصِرًا فِي دَرْكِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: فَيَقُولُ مَعَ عَدَمِ أَسْبَابِ الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ وَاجْتِهَادٌ أَوْ يُقَصِّرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَيَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ النَّظَرُ نِهَايَتَهُ مَعَ كَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِحُجَّةِ أَوْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ عَادَةٌ أَوْ غَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ لِيَنْظُرَ فِيمَا يُعَارِضُ مَا عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقُلْ إلَّا