للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُرْقَةِ. فَمَا دَخَلَ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ مِنْ التَّعَصُّبِ وَالتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّكَلُّمِ بِغَيْرِ عِلْمٍ: فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَدْخُلَ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ وَأَمَّا مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَضْلُ إمَامٍ عَلَى إمَامٍ أَوْ شَيْخٍ عَلَى شَيْخٍ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ كَمَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ أَوْ تَرْكُهُ؟ أَوْ إفْرَادُ الْإِقَامَةِ أَوْ تَثْنِيَتُهَا؟ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ بِغَلَسِ أَوْ الْإِسْفَارُ بِهَا؟ وَالْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ أَوْ تَرْكُهُ؟ وَالْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ؛ أَوْ الْمُخَافَتَةُ بِهَا؛ أَوْ تَرْكُ قِرَاءَتِهَا؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَهَذِهِ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فَكُلٌّ مِنْهُمْ أَقَرَّ الْآخَرَ عَلَى اجْتِهَادِهِ مَنْ كَانَ فِيهَا أَصَابَ الْحَقَّ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ مَالِكٍ وَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ أَحْمَد