للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَهَا لَا إجْمَاعَ أَهْلِ مَكَّةَ؛ وَلَا الشَّامِ؛ وَلَا الْعِرَاقِ؛ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَنْ حَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْكُوفَةِ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَقَدْ غَلِطَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي إجْمَاعِ أَهْلِهَا وَاشْتُهِرَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِهَا حُجَّةٌ وَإِنْ كَانَ بَقِيَّةُ الْأَئِمَّةِ يُنَازِعُونَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي إجْمَاعِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ الْمُفَضَّلَةِ وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِهَا لَيْسَ بِحُجَّةِ إذْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَا سِيَّمَا مِنْ حِينِ ظَهَرَ فِيهَا الرَّفْضُ فَإِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِمَذْهَبِهِمْ الْقَدِيمِ مُنْتَسِبِينَ إلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَى أَوَائِلِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ قَدِمَ إلَيْهِمْ مِنْ رَافِضَةِ الْمَشْرِقِ مِنْ أَهْلِ قاشان وَغَيْرِهِمْ مَنْ أَفْسَدَ مَذْهَبَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ لَا سِيَّمَا الْمُنْتَسِبُونَ مِنْهُمْ إلَى الْعِتْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ بِكُتُبِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبَذَلَ لَهُمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَكَثُرَتْ الْبِدْعَةُ فِيهَا مِنْ حِينَئِذٍ. فَأَمَّا الْأَعْصَارُ الثَّلَاثَةُ الْمُفَضَّلَةُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ بِدْعَةٌ ظَاهِرَةٌ أَلْبَتَّةَ وَلَا خَرَجَ مِنْهَا بِدْعَةٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ أَلْبَتَّةَ كَمَا خَرَجَ مِنْ سَائِرِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّ الْأَمْصَارَ الْكِبَارَ الَّتِي سَكَنَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ