قَدْ رَجَعْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَلَوْ رَأَى صَاحِبِي مَا رَأَيْت لَرَجَعَ كَمَا رَجَعْت. وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَافَقَا بَقِيَّةَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَفِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ كَمَذْهَبِ هَؤُلَاءِ وَأَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ لَازِمٌ كَمَذْهَبِ هَؤُلَاءِ. وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: أَرْطَالُكُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْقَرَضَتْ الدَّوْلَةُ الْأُمَوِيَّةُ وَجَاءَتْ دَوْلَةُ وَلَدِ الْعَبَّاسِ قَرِيبًا؛ فَقَامَ أَخُوهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُلَقَّبُ بِالْمَنْصُورِ فَبَنَى بَغْدَادَ فَجَعَلَهَا دَارَ مُلْكِهِ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ حِينَئِذٍ كَانُوا أَعْنَى بِدِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ قَالَ: نَظَرْت فِي هَذَا الْأَمْرِ فَوَجَدْت أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلَ كَذِبٍ وَتَدْلِيسٍ؛ - أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ - وَوَجَدْت أَهْلَ الشَّامِ إنَّمَا هُمْ أَهْلُ غَزْوٍ وَجِهَادٍ وَوَجَدْت هَذَا الْأَمْرَ فِيكُمْ. وَيُقَالُ: إنَّهُ قَالَ لِمَالِكِ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَهْلِ الْحِجَازِ؛ أَوْ كَمَا قَالَ. فَطَلَبَ أَبُو جَعْفَرٍ عُلَمَاءَ الْحِجَازِ أَنْ يَذْهَبُوا إلَى الْعِرَاقِ وَيَنْشُرُوا الْعِلْمَ فِيهِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ؛ وَيَحْيَى بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute