للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمَكِّيُّ وَافَقَ أَبَا يُوسُفَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ لَكِنْ مِنْ قِلَّةِ فِقْهِهِ تَكَلَّمَ وَتَكَلُّمُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَيُبْطِلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَوْ كَانَ الْمَكِّيُّ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ لَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ بَلْ قَدْ صَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَكَذَلِكَ صَلَّوْا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَأْمُرُوا مَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ الْمَكِّيِّينَ بِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِيهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ " صَلَاةُ الْكُسُوفِ " فَإِنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَتْ السُّنَنُ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ صَلَّاهَا بِرُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاتَّبَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ هَذِهِ السُّنَّةَ وَخَفِيَتْ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حَيْثُ مَنَعُوا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ " صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ " فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ} وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ أَنْ يُصَلِّيَ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَخَفِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

وَمِنْ ذَلِكَ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ الزَّوَائِدُ؛ فَإِنَّ غَالِبَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ تُوَافِقُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْأُولَى سَبْعٌ بِتَكْبِيرَاتِ الِافْتِتَاحِ وَالْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسٌ.