وَجْهٍ النَّهْيُ عَنْهُ وَلَكِنْ مَنْ صَحَّحَهُ مِنْ الْكُوفِيِّينَ رَأَى أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إلَّا عَدَمُ إعْلَامِ الْمَهْرِ وَالنِّكَاحُ يَصِحُّ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ وَلِهَذَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ لَهُ لَهُمْ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَأْخَذَهُ جَعْلُ بُضْعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرَ الْأُخْرَى فَيَلْزَمُ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد. وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ يُبْطِلُونَهُ إلَّا أَنْ يُسَمَّى مَهْرًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ تَسْمِيَتِهِ انْتَفَى التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا بِقَوْلِ: وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرٌ لِلْأُخْرَى؛ لِكَوْنِهِ إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ جَعْلُ الْبُضْعِ مَهْرًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْطِلُهُ مُطْلَقًا كَمَا جَاءَ عَنْهُ بِذَلِكَ حَدِيثٌ مُصَرِّحٌ بِهِ فِي السُّنَنِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّ بُطْلَانَهُ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ وَفَرْقٌ بَيْنَ السُّكُوتِ عَنْ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ وَبَيْنَ اشْتِرَاطِ الْمَهْرِ؛ فَإِنَّ هَذَا النِّكَاحَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ سَمَّى الْمَهْرَ بِمَا يَعْلَمَانِ تَحْرِيمَهُ كَخَمْرِ وَخِنْزِيرٍ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَأَشْبَهُ بِقِيَاسِ الْأُصُولِ.
وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْحَامِلِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الزِّنَا بَاطِلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute