للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابَةِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ حَيْثُ كَتَبَ: {هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو} بَعْدَ أَنْ امْتَنَعَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَكْتُبُوا مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَمَيِّزٌ بِصِفَةِ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَمَّا غَيَّرَ تَمْيِيزَهُ بِوَصْفِهِ الَّذِي يُوجِبُ تَصْدِيقَهُ وَالْإِيمَانَ بِهِ وَافَقَهُمْ عَلَى التَّمْيِيزِ بِاسْمِ أَبِيهِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: مَا مِنْ لَفْظٍ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فِي اللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَلْ وَيَلْتَزِمُ ذَلِكَ فِي الْحُرُوفِ فَيَجْعَلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَعَانِي مُنَاسَبَةً تَكُونُ بَاعِثَةً لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِذَلِكَ اللَّفْظِ. وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ: إنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ أَحَدٍ وَإِنَّ تِلْكَ الدَّلَالَةَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِلَّفْظِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَوْ كَانَ اللَّفْظُ يُنَاسِبُ الْمَعْنَى لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ فَإِنَّ الْأُمُورَ الِاخْتِيَارِيَّةَ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَعْمَالِ الْعَادِيَّةِ يُوجَدُ فِيهَا مُنَاسَبَاتٌ وَتَكُونُ دَاعِيَةً لِلْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَحْوَالِ. وَالْأُمُورُ الطَّبِيعِيَّةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِاخْتِيَارِ حَيَوَانٍ تَخْتَلِفُ أَيْضًا فَالْحَرُّ وَالْبَرْدُ وَالسَّوَادُ وَالْبَيَاضُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طَبَائِعِ الْبِلَادِ وَالْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْكَبِ والمنكح وَغَيْرِ ذَلِكَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ