للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ} فَقَوْلُهُ: " بِي " أَرَادَ أَنَّهَا تَتَحَرَّكُ بِاسْمِهِ لَمْ تَتَحَرَّكْ بِذَاتِهِ وَلَا مَا فِي الْقَلْبِ هُنَا ذَاتُهُ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: اللَّهُ سَطْرٌ؛ وَرَسُولُ سَطْرٌ؛ وَمُحَمَّدٌ سَطْرٌ} فَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِلَفْظِ اللَّهِ هُوَ النَّقْشُ الْمَنْقُوشُ فِي الْخَاتَمِ الْمُطَابِقُ لِلَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ بِالْقَلْبِ الْمُطَابِقِ لِلْمَوْجُودِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. فَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الْعَائِدَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اقْتَرَنَ بِهَا مَا بَيَّنَ الْمُرَادَ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْتِبَاسٌ فَكَذَلِكَ لَفْظُ بَيْتِهِ. وَقُلْنَا: الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللَّهِ فِيهَا مَا بُنِيَ لِلْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَالْأَنْوَارِ الَّتِي يَجْعَلُهَا فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ثُمَّ قَالَ: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} إلَى قَوْلِهِ: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا النُّورَ فِي هَذِهِ الْقُلُوبِ وَفِي هَذِهِ الْبُيُوتِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ: " إنَّ الْمَسَاجِدَ تُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَوَاتِ كَمَا تُضِيءُ الْكَوَاكِبُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ ". وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ حَقِيقَةً