لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى أَصْلٍ فَاسِدٍ مُتَنَاقِضٍ وَالْقَوْلُ الْمُتَنَاقِضُ إذَا طَرَدَهُ صَاحِبُهُ وَأَلْزَمَ صَاحِبَهُ لَوَازِمَهُ ظَهَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَقُبْحِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَطْرُدْهُ تَنَاقَضَ وَظَهَرَ فَسَادُهُ فَيَلْزَمُ فَسَادُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ لِلْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ قَوْلٌ أَلْبَتَّةَ بَلْ كُلُّ أَقْوَالِهِمْ مُتَنَاقِضَةٌ وَحُدُودُهُمْ وَالْعَلَامَاتُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فَاسِدَةٌ؛ إذْ كَانَ أَصْلُ قَوْلِهِمْ بَاطِلًا فَابْتَدَعُوا فِي اللُّغَةِ تَقْسِيمًا وَتَعْبِيرًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ تَصَوُّرًا مُطَابِقًا وَلَا يُعَبَّرَ عَنْهُ بِعِبَارَةِ سَدِيدَةٍ؛ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْمُسْتَقِيمِ فَإِنَّهُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} وَالسَّدِيدُ: السَّادُّ الصَّوَابُ الْمُطَابِقُ لِلْحَقِّ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَهُوَ الْعَدْلُ وَالصِّدْقُ بِخِلَافِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَيَجْعَلَهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ؛ بَلْ مُتَضَادَّيْنِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِسَدِيدِ. وَهَذَا يُبْسَطُ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَجَازٌ أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} اسْأَلْ الْجُدْرَانَ؛ وَالْعِيرَ الْبَهَائِمَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُمْ فَقَدَ أَخْطَئُوا. وَإِنْ جَعَلُوا اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي مَعْنًى فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مَجَازًا وَفِيهِ لَيْسَ بِمَجَازِ فَقَدْ أَخْطَئُوا أَيْضًا. وَإِنْ قَصَدُوا أَنَّ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ الْمُبَالَغَاتِ وَالْمُجَازَفَاتِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهُ فَقَدْ أَصَابُوا فِي ذَلِكَ. وَإِذَا قَالُوا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute