للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالُوا: إذَا دَخَلَتْ آلِهَتُنَا النَّارَ لِكَوْنِهَا مَعْبُودَةً فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمَسِيحِ فَيَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَهُوَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ فَهِيَ لَا تَدْخُلُ النَّارَ وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِظَنِّهِمْ أَنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مَعْبُودًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ مَعْبُودٌ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ أَوْ مَعْبُودٌ لَا ظُلْمَ فِي إدْخَالِهِ النَّارَ. فَالْمَسِيحُ وَالْعُزَيْرُ وَالْمَلَائِكَةُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِكَرَامَةِ اللَّهِ بِوَعْدِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ فَلَا يُعَذَّبُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَالْمَقْصُودُ بِإِلْقَاءِ الْأَصْنَامِ فِي النَّارِ إهَانَةُ عَابِدِيهَا وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ لَهُمْ الْكَرَامَةُ دُونَ الْإِهَانَةِ فَهَذَا الْفَارِقُ بَيَّنَ فَسَادَ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ الْجَامِعِ. وَالْأَقْيِسَةُ الْفَاسِدَةُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ الشَّرِيعَةَ تَأْتِي بِخِلَافِ مِثْلِ هَذَا الْقِيَاسِ فَقَدْ أَصَابَ وَهَذَا مِنْ كَمَالِ الشَّرِيعَةِ وَاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ. وَمَنْ لَمْ يُخَالِفْ مِثْلَ هَذِهِ الْأَقْيِسَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ سَوَّى بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ لَزِمَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ كُلِّ مَوْجُودَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ فَيُسَوِّي بَيْنَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَبَيْنَ بَعْضِ