للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ وَالْإِجْمَاعُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِيمَا يُنَجِّسُهُ الْبَوْلُ؛ بَلْ تَقْدِيرُ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِيمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ: كَانَ هَذَا الْوَصْفُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مُسْتَقِلًّا بِالنَّهْيِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيلُ النَّهْيِ بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ لِأَنَّ الْبَوْلَ يُنَجِّسُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَوْلِ فِيهِ وَبَيْنَ صَبِّ الْبَوْلِ فَقَوْلُهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ؛ فَإِنَّ صَبَّ الْبَوْلِ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ مِنْ مُجَرَّدِ الْبَوْلِ؛ إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَبُولَ وَأَمَّا صَبُّ الْأَبْوَالِ فِي الْمِيَاهِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَفِي حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِأَرْضِ الْفَلَاةِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ فَقَالَ: {إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ} وَفِي لَفْظٍ {لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ} ؟ قِيلَ: حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ فِيهِ كَلَامٌ قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَبُيِّنَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ لَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.