للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ هُنَا مُنْتَفِيَةٌ؛ أَوْ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَالِالْتِفَاتُ إلَيْهَا حَرَجٌ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ وَوَسْوَسَةٌ يَأْتِي بِهَا الشَّيْطَانُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّاسَاتِ وَغَيْرَهَا مِنْ الْآنِيَةِ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا النَّاسُ الْحَمَّامَاتِ: طَاهِرَةٌ فِي الْأَصْلِ وَاحْتِمَالُ نَجَاسَتِهَا أَضْعَفُ مِنْ احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْأَوْعِيَةِ الَّتِي فِي حَوَانِيتِ الْبَاعَةِ فَإِذَا كَانَتْ آنِيَةُ الْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ وَالْخُلُولِ وَالْعَجِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَالْجَامِدَاتِ وَالرَّطْبَةِ: مَحْكُومًا بِطَهَارَتِهَا؛ غَيْرُ مُلْتَفَتٍ فِيهَا إلَى هَذَا الْوَسْوَاسِ: فَكَيْفَ بِطَاسَاتِ النَّاسِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ: فَنَعَمْ. وَمَا عِنْدَ الْحِيَاضِ مِنْ الْأَرْضِ طَاهِرٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمِيَاهِ وَالسِّدْرِ والخطمي وَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: طَاهِرٌ وَأَبْدَانُ الْجُنُبِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ طَاهِرَةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ {أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ: فَانْخَنَسْت مِنْهُ؛ فَاغْتَسَلْت ثُمَّ أَتَيْته فَقَالَ: أَيْنَ كُنْت؟ فَقُلْت: إنِّي كُنْت جُنُبًا؛ فَكَرِهْت أَنْ أُجَالِسَك وَأَنَا جُنُبٌ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ} . وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ: أَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ طَاهِرٌ وَعَرَقُهُ طَاهِرٌ وَالثَّوْبَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عَرَقُهُ طَاهِرٌ؛ وَلَوْ سَقَطَ الْجُنُبُ