للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهَا: أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الِاغْتِسَالِ وَعَنْ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْضِي إلَى الْإِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ وَإِذَا بَالَ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَقَدْ يُصِيبُهُ الْبَوْلُ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ. وَهَذَا جَوَابُ مَنْ يَقُولُ: الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ؛ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ. الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ؛ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَهَذَا جَوَابُ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد. الثَّالِثُ: أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَوْلِ وَالْبَوْلُ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ؛ وَصِيَانَةُ الْمَاءِ مِنْهُ مُمْكِنَةٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِاخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ فَلَمَّا غَلُظَ - وَصِيَانَةُ الْمَاءِ عَنْهُ مُمْكِنَةٌ - فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَعْسُرُ صِيَانَةُ الْمَاءِ عَنْهُ؛ وَهُوَ دُونُهُ. وَهَذَا جَوَابُ أَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ؛ وَاخْتِيَارُ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ. الْجَوَابُ الرَّابِعُ: أَنَّا نَفْرِضُ أَنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ؛ وَأَنَّ الْمُغْتَسِلِينَ غَمَسُوا فِيهِ أَيْدِيَهُمْ: فَهَذَا بِعَيْنِهِ صُورَةُ النُّصُوصِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ.

وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُتَطَهَّرَ بِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذَا غَمَسَ الْجُنُبُ يَدَهُ فِيهِ: هَلْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ.