للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يُبِيحُ تَحْلِيَةَ دَابَّتِهِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يُبِيحُ إلْبَاسَهَا الثَّوْبَ النَّجِسَ فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ كَمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ لِبَاسِهِ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ حَرَّمَ افْتِرَاشَهُ عَلَى النِّسَاءِ - كَمَا هُوَ قَوْلُ المراوزة مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَبَاحَهُ لِلرِّجَالِ؛ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الِافْتِرَاشَ كَاللِّبَاسِ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الِافْتِرَاشَ لِبَاسٌ كَمَا قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْت إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ التَّزَيُّنِ عَلَى الْبَدَنِ إبَاحَةُ الْمُنْفَصِلِ؛ كَمَا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الزَّوْجَيْنِ: الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَإِذَا تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ حَاجَةً وَمَا يُسَمُّونَهُ ضَرُورَةً: فَيَسِيرُ الْفِضَّةِ التَّابِعُ يُبَاحُ عِنْدَهُمْ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: {إنَّ قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْكَسَرَ شُعِّبَ بِالْفِضَّةِ} سَوَاءٌ كَانَ الشَّاعِبُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَانَ هُوَ أَنَسًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْيَسِيرُ لِلزِّينَةِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ. قِيلَ: وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ