وَلِهَذَا كَانَ النِّكَاحُ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ كَانَ أَمْرًا بِمَجْمُوعِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ وَكَذَلِكَ إذَا أُبِيحَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} {يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ} . وَحَيْثُ حُرِّمَ النِّكَاحُ كَانَ تَحْرِيمًا لِأَبْعَاضِهِ حَتَّى يَحْرُمَ الْعَقْدُ مُفْرَدًا وَالْوَطْءُ مُفْرَدًا كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الْآيَةَ إلَى آخِرِهَا وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: {لَا يَنْكِحْ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ} وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَلِهَذَا فَرَّقَ مَالِكٌ وَأَحْمَد - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ - بَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ: أَنَّهُ لَا يَبَرُّ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ: أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَإِذَا كَانَ تَحْرِيمُ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ وَآنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ يَقْتَضِي شُمُولَ التَّحْرِيمِ لِأَبْعَاضِ ذَلِكَ: بَقِيَ اتِّخَاذُ الْيَسِيرِ لِحَاجَةِ أَوْ مُطْلَقًا فَالِاتِّخَاذُ الْيَسِيرُ فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ اتِّخَاذِ الْآنِيَةِ بِدُونِ اسْتِعْمَالِهَا فَرَخَّصَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ؛ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي قَوْلٍ؛ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَنْهُمَا تَحْرِيمَهُ؛ إذْ الْأَصْلُ أَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ كَآلَاتِ الْمَلَاهِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute