وَالنَّوْعُ الثَّانِي: حَلْقُ الرَّأْسِ لِلْحَاجَةِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِقَهُ لِلتَّدَاوِي فَهَذَا أَيْضًا جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ رَخَّصَ لِلْمُحْرِمِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ أَنْ يَحْلِقَهُ إذَا كَانَ بِهِ أَذًى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَقَدْ ثَبَتَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ حَدِيثُ {كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ لَمَّا مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ - وَالْقُمَّلُ يَنْهَالُ مِنْ رَأْسِهِ - فَقَالَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّك؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَك وَانْسُكْ شَاةً؛ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ} وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ؛ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: حَلْقُهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ وَالتَّدَيُّنِ وَالزُّهْدِ؛ مِنْ غَيْرِ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ مِثْلَ مَا يَأْمُرُ بَعْضُ النَّاسِ التَّائِبَ إذَا تَابَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَمِثْلَ أَنْ يُجْعَلَ حَلْقُ الرَّأْسِ شِعَارَ أَهْلِ النُّسُكِ وَالدِّينِ؛ أَوْ مِنْ تَمَامِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ أَوْ يُجْعَلَ مَنْ يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَفْضَلَ مِمَّنْ لَمْ يَحْلِقْهُ أَوْ أدين أَوْ أَزْهَدَ أَوْ أَنْ يُقَصَّرَ مِنْ شِعْرِ التَّائِبِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْمَشْيَخَةِ إذَا توب أَحَدًا: أَنْ يَقُصَّ بَعْضَ شَعْرِهِ وَيُعَيِّنُ الشَّيْخُ صَاحِبَ مِقَصٍّ وَسَجَّادَةٍ؛ فَيَجْعَلُ صَلَاتَهُ عَلَى السَّجَّادَةِ وَقَصَّهُ رُءُوسَ النَّاسِ مِنْ تَمَامِ الْمَشْيَخَةِ الَّتِي يَصْلُحُ بِهَا أَنْ يَكُونَ قُدْوَةً يتوب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute