للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى وُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} لَفْظُ الْمَسْحِ فِي الْآيَتَيْنِ وَحَرْفُ الْبَاءِ فِي الْآيَتَيْنِ: فَإِذَا كَانَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ لَا تَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الْبَعْضِ مَعَ أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَهُوَ مَسْحٌ بِالتُّرَابِ لَا يُشْرَعُ فِيهِ تَكْرَارٌ: فَكَيْفَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ آيَةُ الْوُضُوءِ مَعَ كَوْنِ الْوُضُوءِ هُوَ الْأَصْلَ وَالْمَسْحُ فِيهِ بِالْمَاءِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ التَّكْرَارُ؟ هَذَا لَا يَقُولُهُ مَنْ يَعْقِلُ مَا يَقُولُ. وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ مَنْ قَالَ بِإِجْزَاءِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ دَالَّةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ: فَهُوَ خَطَأٌ أَخْطَأَهُ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَعَلَى اللُّغَةِ وَعَلَى دَلَالَةِ الْقُرْآنِ. وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ وَهِيَ لَا تَدْخُلُ إلَّا لِفَائِدَةٍ: فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَفَادَتْ قَدْرًا زَائِدًا كَمَا فِي قَوْلِهِ: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ: يَشْرَبُ مِنْهَا لَمْ تَدُلَّ عَلَى الرِّيِّ فَضُمِّنَ يَشْرَبُ مَعْنَى يُرْوَى فَقِيلَ: {يَشْرَبُ بِهَا} فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّهُ شُرْبٌ يَحْصُلُ مَعَهُ الرِّيُّ. وَبَابُ تَضْمِينِ الْفِعْلِ مَعْنَى فِعْلٍ آخَرَ حَتَّى يَتَعَدَّى بِتَعْدِيَتِهِ - كَقَوْلِهِ: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ} وَقَوْلِهِ {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ