مُعَاوِيَ إنَّنَا بَشَرٌ فَاسْجَحْ … فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا
فَإِنَّ الْبَاءَ هُنَا مُؤَكِّدَةٌ فَلَوْ حُذِفَتْ لَمْ يَخْتَلَّ الْمَعْنَى وَالْبَاءُ فِي آيَةِ الطَّهَارَةِ إذَا حُذِفَتْ اخْتَلَّ الْمَعْنَى فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى مَحَلِّ الْمَجْرُورِ بِهَا بَلْ عَلَى لَفْظِ الْمَجْرُورِ بِهَا أَوْ مَا قَبْلَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَطْفًا عَلَى الْمَحَلِّ لَقُرِئَ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَامْسَحُوا أَيْدِيَكُمْ: فَكَانَ فِي الْآيَةِ مَا يُبَيِّنُ فَسَادَ مَذْهَبِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ قَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ مِنْهُ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ فَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْجَرِّ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ مَعَ إمْكَانِ الْعَطْفِ عَلَى الْمَحَلِّ لَوْ كَانَ صَوَابًا: عُلِمَ أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى اللَّفْظِ وَلَمْ يَكُنْ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ كَمَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَ: {وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ} وَلَمْ يَقُلْ: إلَى الْكِعَابِ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمَحَلِّ كَالْقَوْلِ الْآخَرِ؛ وَأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّ فِي كُلِّ رِجْلَيْنِ كَعْبَيْنِ؛ وَفِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبٌ وَاحِدٌ: لَقِيلَ: إلَى الْكَعْبِ كَمَا قِيلَ: {إلَى الْمَرَافِقِ} لَمَّا كَانَ فِي كُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ وَحِينَئِذٍ فَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظَمَات النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيْ السَّاقِ؛ لَيْسَ هُوَ مَعْقِدَ الشِّرَاكِ مَجْمَعَ السَّاقِ وَالْقَدَمِ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَرَى الْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِطَهَارَةِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَيْنِ النَّاتِئَيْنِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute